أعلن الصحفيون رفضهم للائحة الأكواد والمعايير الجديدة التي أقرها المجلس الأعلى للإعلام التابع لحكومة العسكر، معتبرين اللائحة خطوة لتقييد حرية الصحافة وكبت الصحفيين فى إطار السياسة التى يمارسها قائد الانقلاب الدموى عبد الفتاح السيسي. وطالب الصحفيون بإلغاء اللائحة، داعين إلى اجتماع طارئ لمناقشة تداعيات اللائحة على العمل الصحفي والإعلامي.

كان ما يسمى المجلس الأعلى للإعلام التابع لحكومة العسكر قد أصدر ما أسماه لائحة المعايير والأكواد، الأربعاء الماضي، للقنوات والصحف، وتشمل معايير خاصة بأخبار حوادث "الإرهاب"، والأمن القومي، والقضايا الدينية، والمعاقين، والطفل والمرأة.

واستبعد عدد من الصحفيين والكتاب قدرة نقابة الصحفيين على إجبار المجلس الأعلى للإعلام على التراجع عن تلك المعايير؛ لأنها صادرة من جهات سيادية تريد التحكم في الصحافة والإعلام.

اجتماع طارئ

وتقدم نصف أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، المكون من 12 عضوا، بطلب لنقيب الصحفيين، ضياء رشوان، لعقد اجتماع طارئ لمناقشة تداعيات اللائحة الجديدة على ممارسة مهنة الصحافة.

وينص الكود الخاص بتغطية الحوادث الإرهابية والعمليات الحربية على التقيد بالبيانات الرسمية في ما يتعلق بأعداد الضحايا والمصابين والنتائج الخاصة بالعمليات، وعدم إذاعة أو بث أو نشر المواد الدعائية للجماعات الإرهابية أو بياناتهم بحسب مزاعم لائحة العسكر.

وينص الكود الخاص بحماية الأمن القومي والاقتصاد القومي على عدم إثارة المواطنين أو تحريضهم على ما يهدد الأمن القومي للبلاد، وعدم التحريض على مخالفة الدستور والقانون، وعدم نشر أو بث أي بيانات أو إحصائيات مجهولة المصدر تتناول الوضع الاقتصادي، وعدم الإضرار بالمصالح الخارجية للوطن.

مخالفة للدستور

وبشأن موقف نقابة الصحفيين، قال أحد أعضاء المجلس ( طلب عدم ذكر اسمه) : "نرفض تماما إصدار هذه المعايير دون أخذ رأي النقابة"، مشيرا إلى "قيام ستة من أعضاء المجلس بطلب عقد اجتماع طارئ للمجلس، والذي قد يعقد بعد انتهاء لجنة القيد (الخميس أو الأحد) المقبلين".

وأضاف أن "اللائحة تخالف الدستور الذي نص على وجوب استشارة أصحاب الشأن في الموضوع كنقابتي الصحفيين والإعلاميين"، متهما المجلس الأعلى للإعلام بالتحايل "بتعمده استعلام رأي نقابة الصحفيين في شهر مارس وقت انعقاد انتخابات النقابة، ومجلس النقابة غير منعقد أصلا".

وبشأن خيارات نقابة الصحفيين؛ أكد "أن النقابة ستلجأ إلى جميع الإجراءات القانونية من أجل إلغاء تلك اللائحة، كما سبق وعطلنا لائحة الجزاءات بالطعن عليها أمام محكمة القضاء الإداري في أبريل الماضي"، لافتا إلى وجود "رفض واسع بين الصحفيين لها؛ لأنها تقيد العمل الصحفي كليا".

إخفاء الحقائق

ووصف عامر عيد، نقيب الصحفيين الأسبق بالإسكندرية اللائحة الجديدة بانها بمثابة قيود على الفكر والعقل الإنساني، ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن حرية التعبير، وتخالف قواعد المهنة سواء مع الخبر أو التحقيق الصحفي التي تكشف الحقائق للمجتمع بشكل عام، وتوضحها للرأي العام .

وقال إن "هذا مجلس الصحفيين الحالى غير قادر على إتمام مهامه فيما يتعلق بمصلحة الصحفيين وعملهم الصحفي؛ وبالتالي فإن حجب المعلومات تحت دعاوى الأمن القومي ومواجهة الإرهاب لا يمكن أن يكون أمرا إيجابيا، مشيرا الى ان الأمر بحاجة إلى انعقاد جمعية عمومية للصحفيين للتصدي لهذا النمط الذي يتغول على سلطة الصحفيين". معربا عن اسفه لأنه في الوقت الحالي لا يوجد حد فاصل بين الهيئة المنتخبة في نقابة الصحفيين، والهيئة المعينة في المجلس الأعلى للإعلام؛ وبالتالى توفرت لدى النظام أغلبية في مجلس إدارة نقابة الصحفيين وهي بشكل أو بآخر لها صوت عال، حتى إن النقيب المنتخب هو نقيب حكومي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يغير أمرا تريده الدولة".

اغتصاب صريح

واعتبر الكاتب الصحفي، معاطي السندوبي، اللوائح الجديدة للمجلس الأعلى للإعلام جزءا من الاستراتيجية الخاصة بإنهاء مهنة الصحافة، والإعلام ؛ فمنذ 2013 يتم اعتقال الصحفييين، ثم تقتحم النقابة، ثم تحجب مئات المواقع، ثم تصدر تشريعات جديدة من الأعلى للإعلام لمنع المهنة من أداء دورها".

وقال : "الآن يدخل (النظام) في مرحلة تنظيم عمل المهنة وتحويل الصحفيين إلى مجموعة من الموظفين العموميين لدى جهاز الدولة؛ وهو اغتصاب واضح وصريح لسلطة النقابة بوضع المعايير الخاصة بالعمل الصحفي؛ وبالتالي يصبح الجهاز الحكومي التابع للدولة يمتلك سلطة أعلى من النقابة".

واستبعد أن ترفض النقابة اللائحة الجديدة، مشيرا إلى أنها "مجبرة على القبول بتلك اللائحة، مشيرا إلى أن هذا المجلس الحكومي الذي يتم تعيينه سيكون خصما للصحفيين والإعلاميين وليس حكما عادلا، وسيستخدم كأداة لمنع حرية الصحافة والإعلام".