يستعد ميدان التحرير لاستقبال ملايين المتظاهرين المطالبين برحيل قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي

ورغم إغلاق ميليشيات أمن السيسي مداخل ميدان التحرير ونشر تعزيزات من الشرطة في الميادين الرئيسية بالمدن الكبرى وقيام ميليشيات الأمن بفحص الهواتف المحمولة للمترددين على الميادين والشوارع الرئيسية فإن المتظاهرين أعلنوا تحديهم لداخلية الانقلاب وأكدوا أنهم سيدخلون الميدان الليلة.

وواصلت شرطة الانقلاب استنفارها الميداني، ونقلت آلاف المجندين من قطاعات الأمن المركزي المختلفة إلى المعسكرات الرئيسية في القاهرة؛ بهدف الدفع بأكثر من 5000 عنصر منذ الصباح الباكر في محيط ميدان التحرير، مع إبقاء 5000 عنصر آخرين على أهبة الاستعداد داخل مقر وزارة الداخلية القديم بميدان لاظوغلى، فضلاً عن انتشار المصفحات والمدرعات وآلاف الجنود بالميادين الكبرى بالجيزة والمطرية وعين شمس وغيرها من المناطق الشعبية التي يتوقّع أن تشهد خروج الجماهير اليوم.

كما عاد نظام السيسي لاستخدام سلاح الحشد المضاد واللجوء للطرق القديمة، لإجبار المواطنين البسطاء على المشاركة في دعمه.

وكلفت دائرة السيسي، ممثلةً فى نجله محمود ومدير المخابرات العامة عباس كامل، جميع نواب برلمان العسكر ورجال الأعمال الداعمين لحزب "مستقبل وطن" من الدوائر المختلفة بالقاهرة والجيزة، بتسيير مئات الحافلات بعد صلاة الجمعة في اتجاه طريق النصر بمدينة نصر للتظاهر تأييدًا للسيسي، وحضور الحفل الذي تم الترويج له على نطاق واسع في وسائل الإعلام المؤيدة للنظام.

السفارة الأمريكية

من جانبها حذرت السفارة الأمريكية في القاهرة مواطنيها من الاقتراب من ميدان التحرير اليوم الجمعة.

وقالت السفارة الأمريكية - في بيان صحفي نُشر على موقعها الإلكتروني - إنه "في إشارة إلى الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر اليوم الجمعة، يتم تذكير الزوار والمقيمين في مصر من الولايات المتحدة بتجنب مناطق التظاهرات أو أنشطة الشرطة".

وأشارت السفارة إلى أن الإجراءات الواجب اتخاذها تتمثل في تجنب مناطق التظاهرات، وتوخي الحذر في محيط التجمعات أو الاحتجاجات الكبيرة، ومتابعة وسائل الإعلام المحلية للحصول على التحديثات.

في سياق متصل شهدت الأسواق في محافظات الجمهورية إقبالا كبيرا على شراء وتخزين السلع الغذائية، ويخشى المصريون، استمرار الاحتجاجات، وإغلاق المحال التجارية أبوابها، على غرار ما حدث إبان ثورة 25 يناير 2011.

وكانت محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، القليوبية)، أكثر الأماكن التي شهدت إقبالا كبيرا من الأهالي على شراء السلع الغذائية، وكذلك الحال في محافظات الإسكندرية والسويس والغربية والدقهلية التي شهدت مظاهرات واشتباكات بين الأمن والمتظاهرين، الجمعة الماضي.

غضب الجماهير

وقالت صحيفة "ديلي تلجراف" البريطانية: إن الترقب يسود المشهد في مصر، مع تصاعد غضب الجماهير إزاء الديكتاتورية.

ونقلت عن الكاتب راف سانشيز، الموجود حاليّا في مصر، أن قوات الأمن تتأهب بكثافة وسط القاهرة، وتمسك أسلحتها، فضلاً عن وجود مركبات مصفحة، وأسلاك شائكة للتصدي لأي شخص، يمكن أن يقذف الحجارة.

وأشار إلى أن حكومة السيسي تتأهب اليوم لمظاهرات كاحتجاجات الجمعة الماضية، مؤكدًا أن المظاهرات المباغتة التي نظمت الأسبوع الماضي، كانت التحدي الأكثر خطورة، لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي منذ انتزاعه السلطة.

وأضاف: "رغم اعتقالات الأسبوع الماضي فإن الكثيرين يتوقعون نزول المحتجين للتظاهر اليوم".

وكشف سانشيز عن أن "السيسي بدل عددا من قيادات الأجهزة الاستخباراتية والجيش العام الماضي فيما بدا أنه تعزيز لسلطته، لكنه في الوقت ذاته قلق من المنافسين المحتملين داخل نظامه".

السيسي وحاشيته

ودعا العقيد طيار متقاعد، هاني شرف، قادة المؤسسة العسكرية إلى "التحرك واتخاذ موقف من أجل الوطن"، مؤكدًا أن لحظة الخلاص من قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وحاشيته قد اقتربت.

ووجه شرف، في مقطع فيديو له، رسالة إلى الجيش، قائلاً: "جميع المصريين يحبون المؤسسة العسكرية، وأنا أمضيت أكثر من ثلثي عمري داخل الجيش، وأتحدث انطلاقا من حبي له؛ فهو سيف ودرع الوطن بالفعل، ونريده أن يعود إلى الشعب".

وطالب بأن يتم الفصل بين السيسي والجيش المصري، وألا يسمحوا للأول بالاحتماء بالأخير، مضيفًا: "كلما كان هناك انتقاد للسيسي وممارساته، خاصة تنازله عن تيران وصنافير أو توقيعه على اتفاقية سد النهضة أو فساده في قصور الرئاسة، نجد البعض يربط بين السيسي والجيش، رغم أنه لا علاقة بينهما، ولماذا يتحصن بالجيش رغم أنه في منصب إداري؟".

وخاطب شرف قادة الجيش قائلا: "نحن اليوم في مفصل تاريخي، عليكم اتخاذ موقف من أجل الوطن، والجيش هو ملك للشعب المصري وليس ملكًا لشخص بعينه".

ووجه رسالة إلى الشعب المصري خاصة الشباب، قائلا: "ليست لدينا مشكلة مع الجيش أو الداخلية؛ لأن الجيش هو جيشنا والشرطة هي شرطتنا، وكل المؤسسات الحيوية تخص الشعب ولن نقترب منها، بل سنتحرك بأمان وطالما أننا لم نفعل شغبا، فليس من حق أحد أن يتعرض لنا أو يقوم بإيقافنا".

ودعا شرف المصريين إلى "التحرك في حشود وليس بشكل منفرد، ومواجهة العنف تكون بالحشد، ولذلك لا ينبغي التحرك في الشوارع أو الميادين الرئيسية بشكل منفرد".

كما وجه رسالة إلى الشرطة وقادتها، مطالبًا إياهم بألا يقوموا بـ"التضحية بالناس، فنحن نخاف على الشرطة، وكلنا مصريون، وأنا شخصيًّا كان من الممكن ألا أصبح طيارا، ونحن لسنا في خلاف مع بعض؛ لأننا جميعا نكمل بعضا".

وتابع: "لو سمحتم يا قادة الشرطة ويا وزير الداخلية لا تضحوا برجال الشرطة، لا نريد تكرار سيناريو 25 يناير مرة أخرى، لا تحرقوا مراكبكم؛ لأنكم قد تحتاجون العودة إلى الشعب مرة أخرى، وعليكم بالبقاء في حضن الشعب، وعليكم ألا تسيروا خلف السيسي، واضح تماما أنه انتهى".

وأكمل: "الناس ستنزل للمظاهرات ليس بسبب الجوع والفقر- رغم أنهما موجودان بالفعل- إلا أن السيسي فعل شيئا غريبا جدا؛ لأنه جرح كرامة المصريين وأهانهم وأشعرهم بالذل، وهذا غير مقبول"، متسائلاً: "هل يجوز الاعتداء على النساء بمحافظة السويس، وتصويب السلاح عليهن داخل شرفات منازلهن، وقت المظاهرات الماضية، هل وصل الأمر لهذه الدرجة؟".

واختتم شرف بقوله: "نحن في مرحلة تاريخية والشعب أهم، ومصر أهم، وغير مسموح للسيسي والحاشية التي تقف خلفه بإهانة كرامة المصريين؛ لأننا قد نتحمل الفقر، لكن الظلم والذل غير مسموح، والخوف لا بد أن ينتهي، والخلاص اقترب من السيسي وحاشيته".

دعوات مضادة

وانتقد الحقوقي هيثم أبوخليل الدعوات المضادة للتظاهر والتي تبرر ذلك بعدم إيقاع البلد، وتساءل: "أنت عارف البلد فين أصلًا؟"، مشيرا إلى تهالك البنى التحتية وانتشار القمامة وازدحام المدارس وطغيان الشرطة على المواطنين.

وأكد أبوخليل أن المظاهرات ليست للانتقام أو الاعتداء على الجيش أو الشرطة، ولكنها لإرجاع البلاد من "عصابة خطفتها من 67 سنة، جوعوا وأذلوا أهلها الطيبين".

واستشهد بمقطع للسيسي في لقاء له مع الرئيس الفرنسي ماكرون، منذ عامين، وهو يقول: "معنديش صحة ولا تعليم ولا إسكان ولا توظيف"، وعلق أبو خليل أن السيسي حينئذ كان قد استولى على السلطة منذ 4 سنوات ونصف ولم ينجز شيئًا سوى قصوره الرئاسية.