حوار سابق أجري بـ"إخوان أون لاين" مع زوجة الشهيد الرنتيسي بتاريخ 31 ديسمبر 2011

- الثورة المصرية أعادت للعالم العربي عزته وكرامته

- أسر الشهداء مجال فخر وعزة للأمة وليسوا أرامل ولا أيتاما

- لو ضعفت الدعوة بموت الرسول لضعفت حماس باغتيال قادتها

- صفقة الأسرى أثبتت أن حماس حكومة للشعب الفلسطيني كله

- حماس مستعدة لتقديم تنازلات لتحقيق المصالحة ومتمسكة بالثوابت

- الكيان الصهيوني الآن بين فكي كماشة والتصعيد لاستعراض عضلاته

- (يد تبني ويد تقاوم) شعار حماس الذي نجحت في تحقيقه

حوار- إخوان أون لاين:

إذا تحدثت معها رأيت في عينيها قوة زوجها الشهيد وخليطًا من الحنين والفخر له وبه، وإذا ما اقتربت منها أكثر في حديثٍ طويلٍ معها وجدت امرأةً مثابرةً قويةً صامدةً تمضي بخطى ثابتة وواثقة.

إنها زوجة الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي أُطلق عليه (أسد المقاومة) و(الطبيب الثائر) و(صقر حماس).. مسيرة طويلة قضاها هذا المجاهد في المقاومة والعطاء ختمها الله له بالشهادة تنقل خلالها بين سجون الاحتلال وسجون السلطة الفلسطينية، كان شخصية إسلامية بحق تمثلت فيها معاني العزة والإباء والتميز والتواضع والحب والوفاء، ففي كل حياته كانت مواقفه التي جعلت كل مَن يعرف سيرته يثبت على مبادئه ويصمد حتى يلقى إحدى الحسنيين.

وشاركته الأجر أسرته وبخاصة زوجته التي تحمَّلت عبء الأسرة في سنوات اعتقاله وبعد وفاته واستكملت المسيرة المضيئة لزوجها الشهيد.

إنها رشا صالح أحمد، ولدت في 17/11/1955م، البلدة الأصلية يافا من مواليد غزة، وزوجة الشهيد عبد العزيز الرنتيسى ولديها 6 أبناء وجدَّة لـ25 حفيدًا.

ومؤهلها العلمي هو بكالوريوس أصول دين من الجامعة الإسلامية بغزة لعام 2007م، وبصدد الحصول على ماجستير في التفسير وعلوم القران، وعملت في إدارة أكثر من مؤسسة إسلامية منها جمعية الشابات المسلمات ودائرة العمل النسائي في المجمع الإسلامي، والآن رئيسة مجلس إدارة جمعية الزاهرة، والتي هدفها إقامة مشاريع ترفيهية، ثقافية، اجتماعية للنساء كاستراحة ومنتجع نسوي على شاطئ البحر لتكون نزهةً للمرأة تجد فيه الراحة النفسية.

(إخوان أون لاين) يلقي الضوء على حياة زوجة الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي كقيادية في حركة حماس تعيش ما يجري على الأراضي الفلسطينية الحبيبة من خلال شاهد عيان عليه.

* نراكم في وسائل الإعلام يسقط أزواجكم وأبناؤكم شهداء فتزغردون وتحمدون.. كيف ذلك؟!

** حينما أتحدث عن زوجات الشهداء أتحدث عن نساء آمنت بعدالة القضية من منطلق عقيدتها؛ ما يجعلها تقف قويةً ومفتخرةً بما بذلته مستشعرةً قيمة المسئولية في إكمال رسالة من فقدتهم، فأنا أستشعر في كل مفصل من مفاصل حياتي بقوة زوجي رحمة الله عليه، وأستمد القوة من مواقفه، وبفضل الله الشعب الفلسطيني يفخر ويعتز بأسر الشهداء، كما أن حكومة حماس معنية بإكرام أهالي الشهداء وأهالي الأسرى وكفالتهم وتغطية احتياجاتهم حتى لا يتكففوا الناس وإشعارهم بقيمة تضحياتهم، وأنهم مجال فخرٍ لهذه الأمة فنحن لسنا أرامل أو أيتام كما يُطلق علينا البعض، ولكن نحن زوجات الشهداء وأبناء الشهداء، وشتان بين الاثنين، فنحن نشعر بالفخر والاعتزاز بتضحياتنا وبذلنا بأحبائنا وفلذات قلوبنا من أجل قضيتنا التي نحيا ونموت من أجلها.

* كيف كان للثورة المصرية أثرٌ على الأوضاع في فلسطين، وخاصةً في غزة؟

** الثورات العربية أحدثت استبشارًا بتغيير يكون له دور في تحرير الأقصى وتحقيق إنجازات للقضية الفلسطينية.

أما على صعيد الثورة المصرية فقد كانت على فلسطين وغزة بردًا وسلامًا، فكانت الأوضاع قبل الثورة في غاية القسوة؛ فكنا محاصرين من العدو الصهيوني ومن الإخوة المصريين، وكانت حكومة مبارك تعيق صفقة الأسرى لمدة 5 سنوات ونصف، وأعاقت المصالحة، وبنت الجدار الفولاذي، كما كان يوجد تنسيق أمني بين مبارك والصهاينة للتضييق على معبر رفح وإحكام الخناق على غزة من خلال حرب الفرقان التي تم الإعلان عنها من مصر وإمداد الجنود الصهاينة بالغاز الطبيعي.

فجاءت هذه الثورة المباركة فتمَّت صفقة الأسرى بفضل الله وبصدق المفاوض المصري وها هي المصالحة تسير في طريقها وتم إيقاف بناء الجدار الفولاذي وفتح معبر رفح، فهناك إنجازات كثيرة للثورة على شعبنا فنشكر كل من أسقط الظلم والطغيان فالثورة لم تنقذ الشعب المصري فقط ولكنها أحيت الشعب الفلسطيني، وخاصةً في غزة ولكن نطمح أن يكون هناك تعاون اقتصادي بين غزة ومصر من فوق الأرض لا من تحتها، ونسأل الله أن يتحقق بين مصر وغزة علاقة قائمة على الحرية والكرامة دون خوف أو رعب أو حواجز.

* اغتيال الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ومن قبله الشيخ أحمد ياسين ومن قبله الكثير من قادة المقاومة في فلسطين.. هل أثَّر ذلك على حركة المقاومة وتحركاتها؟

** الكيان الصهيوني يهدف إلى إضعاف المقاومة ولكن عندما أتحدث عن حركة حماس أتحدث عن حركة ممتدة جذورها إلى دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو ضعفت الدعوة بموت الرسول صلى الله عليه وسلم لضعفت الحركة بذهاب قيادتها، فالمقاومة لن تتوقف إلا بذهاب الاحتلال.

فحركة حماس تقوى شوكتها ويتبين صدقها بين أبناء الأمة وشعبها؛ لأنها تقدم التضحيات وتضرب أمثلةً عمليةً على الشعارات التي تتحدث بها بين الناس، فهي تقدم قادتها في سبيل الله، ومن أجل قضية فلسطين، وأما على صعيد الشعب الفلسطيني فهي تمثل الوقود والنور لهذا الشعب باستمرارية المقاومة على طريق الكرامة والحرية وتحقيق الهدف الأسمى، وهو تحرير الأقصى من خلال إعلاء كلمة الحق.

انتزاع الحقوق

* (صفقة الأسرى) هذا العرس الفلسطيني العربي الإسلامي.. كيف ترونها؟

** إذا تحدثنا عن صفقة الأسرى فإننا نتحدث عن إنجاز ذي شقين شق عزَّت به حماس وشق عزَّ به الشعب الفلسطيني كله، فبفضل الله تعالى استطاعت حماس أن تعيد عزة الشعب الفلسطيني بتحقيق هذه الصفقة، وأرسلت رسالةً إلى الأعداء أنه ولَّى عهد الهزائم والانكسارات، وبدأ عهد الانتصارات وتحقيق الإنجازات.

وأما الرسالة التي أوصلتها هذه الصفقة إلى الشعب الفلسطيني أن هذه الحكومة (حكومة حماس) هي حكومة للشعب الفلسطيني بكل فصائله وليس لغزة فقط، فهي حكومة الشعب في الضفة الغربي وفي القدس وفي أراضي 48، بالإضافة إلى غزة، وخاصةً أنها جاءت عبر صناديق الاقتراع؛ لأنها حرصت على وحدة المواطن الفلسطيني وأصرَّت أن تشمل الصفقة ابن فتح وابن الجهاد الإسلامي وابن الجبهة الديمقراطية وابن حماس وأضيف المسيحي إلى المسلم في هذه الصفقة، وبهذا تحقق التفاف الشعب حول هذه الحكومة التي أثبتت أنها حريصة على ثوابت الشعب الفلسطيني.

وإذا تحدثنا على صعيد الأمن فإنها الإنجاز الذي أثبتت به حماس أن المقاومة والعمل السياسي لا يتنافيان بل حيثما كانت المقاومة كان الخط السياسي قويًّا وفعَّالاً في تحقيق الإنجازات، وكذلك فإن السياسة تحمي المقاومة لأن الحقوق لا تُمنح ولكن تنتزع انتزاعًا.

* هل ملاحقة الكيان الصهيوني للأسرى المحررين وتهديدهم يفسد فرحة هذا العرس؟

** ما يفعله الكيان الصهيوني من ملاحقة ومحاولة اغتيال وتشويه إعلامي هو دليل فشله وعجزه للتقليل من قيمة هذا الإنجاز الكبير بفضل الله، ولأن الأسرى المحررين جزءٌ من أبناء الشعب الفلسطيني المستهدف، والذي حمل روحه على كفه وقضى زهرة عمره في السجن في سبيل نصرة قضية فلسطين فهو لا يهمه الاغتيال والملاحقة مع العلم أن الحكومة تحرص على توفير الحماية الأمنية لهم، ولن تمنعنا تهديدات الكيان الصهيوني من فرحة النصر والعزة التي حققتها الصفقة للعالم العربي والإسلامي كله.

لا تفريق

* هل الأسيرات المحررات كلهن حمساويات أم لا؟ وهل تم تحرير كل الأسيرات من سجون الاحتلال؟

 ** الأسيرة المحررة الوحيدة من حماس هي أحلام التميمي وبقيتهن من فصائل أخرى، ولكن حماس لم تنظر إلى انتماءاتهن، ولكن حرصت على المرأة الفلسطينية أشد من حرصها على الشباب، وكان من شروط الصفقة تحرير كل الأسيرات من السجون الصهيونية و بعدما تحققت الصفقة علمت حماس بعد ذلك أن هناك 7 أسيرات مازلن في السجون ولم تدرج أسمائهن على القوائم وأحب أن أشير أنه قد تم قبل هذه الصفقة تحرير عدد من الأسيرات مقابل شريط فيديو لشاليط.

تجهيز منبر الأقصى

* أمر رئيس الحكومة إسماعيل هنية بعد تحقيق هذه الصفقة بتجهيز منبر المسجد الأقصى فما دلالة ذلك؟

** حينما نتحدث عن صفقة الأسرى وما حققته هذه الصفقة من فرحةٍ وانتصارٍ للشعب الفلسطيني وحركة حماس ولكتائب القسام وخط المقاومة، وهذا الذي أشعر أبناء الأمة والشعب الفلسطيني بالعزة، وأن عهد الهزائم والانكسار ولَّى، وبدأ عهد الانتصار، فكان أحرى بمَن كان له دور في هذا الانتصار أن يستبشر ويُبشِّر، فقام الأخ إسماعيل هنية وبشَّر الفلسطينيين والمسلمين وبعث البشرى لأبناء شعبه بالنصر واقتراب تحرير الأقصى، وقال: "إن منبر صلاح الدين كان قبل حطين بـ20 عامًا وتشبهًا بهؤلاء الأبطال فلنبدأ بتجهيز منبر المسجد الأقصى".

فبعد الثورات العربية يستبشر الجميع باقتراب ساعة التحرير بإذن الله تعالى، وإن المستقرئ للتاريخ الإسلامي يرى أن بداية الدولة الإسلامية كانت تُقام من نقطة صغيرة تنطلق بعدها للعالم أجمع ونستبشر، ونتمنى أن تكون هذه النقطة هي غزة وتنطلق منها إلى الأمة كلها.

* بعد صفقة تبادل الأسرى أعلن عددٌ من الشخصيات المهتمة بالقضية الفلسطينية عن تحديد مبلغ كبير من المال لمَن يأسر أحد جنود الإحتلال.. فما مدى إمكانية تحقيق ذلك حاليًّا؟

** شاليط لم يكن أول محاولة لاختطاف جنود، فلقد حاولنا اختطاف جنود لعدة مرات، ففي عام 86 استطاعت كتائب القسام أن تأسر أحد جنود الصهاينة، ولكن كانت غزة تحت الاحتلال فلم نستطع إخفاءه في أي مكان ولم نحتفظ به، وكانت بعدها محاولة أخرى فشلت لأن اليهود قتلوا الأسير والمجموعة التي اختطفته، وكان اختطاف شاليط هو المرة الثالثة، وكانت عملية اختطافه مميزة؛ لأنها كانت من خلال عملية اشتباك بين المقاومة والصهاينة، واستشهد فلسطينيان واختطفوا شاليط من دبابته، أما الآن وعلى صعيد غزة فإن أسر جنود الاحتلال كان أيسر أيام المستوطنات، ولكن حاليًّا لا يوجد عندنا احتلال، فالحدود مقفلة تمامًا على غزة، وليس هناك مجال لخروج أحد.

وأما في الضفة الغربية فالمجال أوسع لمسألة الاختطاف، ولكن للأسف التنسيق الأمني الذي قامت به فتح مع العدو الصهيوني يجعلهم عيونًا على المقاومة من خلال اعتقال المقاومين وإعادة الأسرى اليهود إلى العدو الصهيوني، ٍولكن هذا لا يوقف محاولاتنا، ولا يدفعنا لليأس، فنحن متفائلون أن يتم تحرير الأسرى حتى ولو لم يكون هناك اختطاف فلن تعجز المقاومة ولا حنكة السياسة التي سيكون بهما بإذن الله تحرير الأسرى، ولن نهدأ حتى يتم تحرير كل أسيرٍ فلسطيني في سجون الاحتلال، ولن تعجز المقاومة بإذن الله.

عودة لأحضانها

* والمصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس؟

** إذا تحدثنا عن المصالحة فلا بد أن نشير إلى أمرين: الأول هو الرؤية المستقبلية التي وضعتها حماس كحركة إسلامية لهذه المصالحة من خلال منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني والمجلس الوطني حتى يكون هناك تمثيل حقيقي لكل فصائل الشعب الفلسطيني المختلفة الرؤى لتحقيق ما يتمناه شعبنا أولاً، وأن المصالحة والوحدة هي الطريق لتحرير الأقصى، وهو ما تتمناه الأمة بأكملها.

وأما الأمر الثاني هو الرؤية الحالية لهذه المصالحة، وهي تحقيق المصالحة الاجتماعية بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد حتى لا يكون الشعب منقسمًا في البيوت، وفي المؤسسات الحكومية وفي الأجهزة التشريعية، ولعل حماس تريد أن تنتشل ذلك الفصيل وتلك القيادة التي انحدرت في مستنقع المفاوضات مع الكيان الصهيوني لتأخذها لأحضان شعبها لتأخذ دورها وتتخندق في خندق واحد مع شعبها لمواجهة الاحتلال.

* ما أهم العثرات التي تواجه المصالحة الآن؟

** أهم عثرة هي اختلاف المنهج الذي يحمله كلٌّ من الطرفين؛ فحماس منهجها واضح، وهو تحقيق شريعة الله، والتمسك بالثوابت في عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، وعدم التنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين، وحق اللاجئين وحق الأسرى، وأما الطرف الآخر نهجه استسلام للمفاوضات، والتي تعني الاعتراف بهذا العدو والتنازل عن 82 % من أرض فلسطين والتفريط في حق الأسرى وحق العودة، وهما وجهان مختلفان إلى حد كبير.

وأريد أن أؤكد أن حماس ستبذل كل جهدها ومستعدة لتقديم بعض التنازلات التي تحقق وحدة الشعب الفلسطيني وإنجاح المصالحة.

تنازلات حماس

* ما شكل هذه التنازلات التي يمكن أن تقدمها حماس لتحقيق هدف المصالحة؟

** التنازلات التي يمكن تقدمها حماس انطلاقًا من فهمها للمتغيرات السياسية، فهي مستعدة للتنازل عن بعض الوزارات، وتتنازل عن استقلاليتها في إدارة بعض الأجهزة الأمنية، وترك بعض المناصب، وليس التنازل عن الثوابت، وما زالت اللقاءات المشتركة شبه المغلقة بين الفصيلين، والتي ندعو الله أن تثمر بخير قريبًا إن شاء الله.

* وكيف تقرءون مستقبل فلسطين بعد المصالحة؟

** هدفنا الأكبر من المصالحة- كما ذكرتُ لكِ- هو وحدة الشعب الفلسطيني والقضاء على مخططات الفرقة التي رسمها لنا أعداؤنا، ثم ستكون انتخابات فلسطينية تشمل فلسطين كلها، وسيشارك فيها كل الفصائل وكل الفلسطينيين في شتات الوطن العربي، وسيكون هناك تمثيل لصوت الأسرى بإذن الله تعالى، فالكل سيشارك في منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني، وستحترم إرادة الشعب واختياراته مهما كانت لتكوين حكومة فلسطينية متكاملة وموحدة تجمع كل أطيافه حريصة على العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية.

منظمة اليونيسكو

* انضمام فلسطين لمنظمة اليونيسكو.. كيف ترون هذه الخطوة؟

** انضمام فلسطين لمنظمة اليونسكو من خلال منظمة التحرير سيجعل من فلسطين دولة قوية معترف بها دوليًّا، وستتغير نظرة اليهود لفلسطين على أساس أنها دوله ضعيفة، فنحن معنيون بتمثيل فلسطين في الأمم المتحدة؛ لأن هذا سيكون له دور في تعريف العالم بدولة فلسطين وتعزيز حق الشعب بالعودة إلى كامل أراضيه.

* في رأيكم.. ما الهدف من التصعيد الأمني الذي يقوم به الكيان الصهيوني الآن في غزة؟

** نظرًا لشعور الكيان الصهيوني بأنه بين فكي كماشة الأول هو ذكرى انطلاقة حماس وما تبعثه هذه الذكرى من فرحة واحتفالات في غزة، وبعث روح الأمل والعزة في نفوس شعبنا، والفك الثاني هو فوز حزب الحرية والعدالة في الانتخابات المصرية والتوجه الإسلامي لبعض الحكومات العربية، جعل العدو الصهيوني غير متزنٍ داخليًّا، ويلجأ لاستعراض قوته ليلفت الأنظار إليه ويبعث رسالةً للدول المتعطشة للإسلام بأنه قادرٌ على استخدام القوة، ولكن سيرد الله كيده في نحره؛ لأن الأمة ليست بهذه السذاجة ولن تفلح تهديدات اليهود ولا تصعيده الأمني بل بالعكس سيزيد ذلك من استعداء الشعوب الإسلامية له.

* في ذكرى انطلاقة حماس وذكرى التأسيس.. ماذا تمثل هذه الذكرى بالنسبة لكم؟

** إحياء هذه الذكرى يمثل عرسًا يحيي فينا معاني العزة والانتصار، وهي لحث الشباب الفلسطيني لاستكمال مسيرة من ذهبوا من خلال سيرتهم التي مثلت لهم النور الذي يهتدون به نحو تحقيق الأمل والاقتداء بمَن بقوا على العهد وثبتوا، والوقود الذي يدفعهم للاستمرار والمقاومة، وبفضل الله هذه الروح القوية تسري من الكبار إلى الصغار لتقديم الأمثلة والقدوة.

* كيف واجهت حكومة حماس الحصار والحرب واستطاعت أن تحصل على ثقة الشعب الفلسطيني؟

** كانت تجربة الفلسطينيين قبل دخول حماس الحكومة تتمثل في التنسيق الأمني مع الصهاينة والخضوع لهم وربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الصهيوني، والتضييق على الشعب الفلسطيني بكل ما يمكن، وخلق الفلتان الأمني وتزكيته بهدف شغل الناس عن قضيتهم الأساسية وذوبان القضية الفلسطينية في المفاوضات التي لا طائلَ منها.

أما بعد انتخاب حماس والمحاولات التي أعقبتها للانقلاب على إرادة الشعب وانحصار حكومة حماس داخل غزة استطاعت تحقيق الأمن والنظام والقضاء على الفلتان الأمني لمواجهة العدو الصهيوني، والتمسك بثوابت الشعب الفلسطيني، فحماس استلمت خزينةً فارغةً تتحمل ديون ما مضى 2 مليار دولار، لم يبقَ الآن دولار واحد كديون على هذه الخزينة، بل حققت حماس إنجازاتٍ اقتصادية من خلال إقامة مشاريع زراعية للاكتفاء الذاتي، وأيضًا تنمية الثروة الحيوانية والسمكية، كما حرصت على تحقيق إعمار غزة، فكان الإبداع في إعادة تدوير البيوت المدمرة وبناء المرافق وإعمار البلد، وتحقيق المساواة بين أبناء الشعب، وبتقديم المساعدات والوظائف.

فكان شعار حماس (يد تبني ويد تقاوم) بهدف بناء الداخل ومواجهة الخارج، وحينما أثبتت حماس قدرتها على تطبيق هذا الشعار وتضحيتها وإخلاصها لشعبها وقضيته ونظافة يدها وتعايشها مع شعبها وعدم تمييز قيادتها عن باقي الشعب حينها التفَّ الشعب حولها وأيَّدها، وكان لهذا دور في مواجهة كل المعوقات.