كثير من المشكلات التي أحيانا تعصف بالأسرة كلها هو نكرار الجميل أو عدم إقرار الإحسان أو نكرانه،   فالاعتراف بالفضل خلق رفيع وهو خلقًا لازمًا لأنبياء الله -صلوات الله عليهم-، كما قال الله عزوجل- عن إبراهيم عليه السلام-، في سورة آل عمران إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

وحذر النبي صلي الله عليه وسلم من عقوبة المرأة التي لا تشكر زوجها ولا تُشعِره بفضلِه، على معروفه لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكَرُ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ"، وحديث آخر  "لا يشكرُ اللهَ منْ لا يشكرُ الناسَ"، وفي روايةٍ: "مَنْ لمْ يشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يشْكُرِ الله".

نهى القرآن الزوج عن أن يَمُنَّ فيما يُعطيهِ زوجتَه كمَا مرَ معنا عندَ قولِه تعالى: { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6]، وكذلكَ على الرجلِ أنْ يشكرَ زوجتَه إذا أحسنتْ، فلا الرجلُ يستغنِي عنِ المرأةِ، ولا المرأةُ تستغني عنِ الرجلِ {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة:187].

وبحسب خبراء الأسرين والمستشاريين التربوين دعوا الأسر بأن ترفع شعار" الشكرُ بيننا وبينَ الآخرينَ منْ أهلٍ وولدٍ، ثمَّ لمنْ أحسنَ إلينا أيَّ إحسانٍ كان فإن من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل، والعاقبة: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}، ونعوذ بالله من الأخرى: {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7]. كما أكدوا على ضرورة أن يقوم كل منهما بواجبه، بل يصنع المعروف وإن لم يكن واجبًا عليه ثم عليه ألا ينتظرُ الثناءَ منَ الآخَرِ، بل ليكن شعاره: {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} [الإنسان:9]، وهذا فيما نبذله ونصنعه ليكتب لنا الأجر موفورًا.

أنواع الشكر

كان للشكر نصيب وفير في السنة النبوية والقرآن، إذ قال الله تعالي : قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ"، وفي سورة فاطر،  لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ، وقال تعالي في سورة الأعراف : ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ

وفي السنة قال صلى الله عليه وسلم: (التحدُّث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله) البيهقي.
قال رسول الله : (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأَكْلَة فيحمده عليها، أو يشرب الشَّربة فيحمده عليها) مسلم والترمذي وأحمد].
قال رسول الله : (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) أبوداود والترمذي.
يقول النبي : (إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟! فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟! فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمُّوه بيت الحمد) الترمذي وأحمد. وعلمنا النبي أن نسجد لله سجدة شكر إذا ما حدث لنا شيء يسُرُّ، أو إذا عافانا الله من البلاء.
وقال عمر بن عبد العزيز عن الشكر: تذكروا النعم؛ فإنَّ ذكرها شكرٌ. والرضا بقضاء الله شكر.

ومن الشكر

شكر الله: فثبت  على النبي سجدة الشكر لله، وفعل جمع الصحابة، وأجاز بعض العلماء أن يأتي مكان السجود بالصلاة فإن المقصود من السجود يحصل بها.

شكر الوالدين والإحسان إليهما، يقول تعالى في: سورة لقمان وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . فالمسلم يقدم شكره لوالديه بطاعتهما، وبرهما، والإحسان إليهما، والحرص على مرضاتهما، وعدم إغضابهما.

شكر الناس: المسلم يقدِّر المعروف، ويعرف للناس حقوقهم، فيشكرهم على ما قدموا له من خير. قال : (لا يشْكُرُ اللهَ من لا يشْكُرُ الناسَ) [أبو داود والترمذي]. وقال رسول الله : (إن أشكر الناس لله -عز وجل- أشكرهم للناس) [أحمد].

شكر المعلم: وأحق الناس بأن تقدم له الشكر مُعَلِّمُك؛ لما له عليك من فضل، قال الشاعر: قم للمعلم وفّه التبجيلا    كاد المعلم أن يكون رسولا

آثار عدم الشكر

الجاحدون هم فقط من لا يقَدِّرُون المعروف، ولا يشكرون الله -سبحانه- على نعمه، ولا يشكرون الناس، الذين ينكرون المعروف، وقد ذمهم القرآن الكريم،في سورة النمل فقال تعالى : قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ .

وقال الإمام على -رضي الله عنه-: كفر النعمة لؤم. وقال تعالى: سورة إبراهيم وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ. فقد جعل الله الجنة جزاءً للشاكرين الحامدين، وجعل النار عقابًا للجاحدين المنكرين.