تمرّ الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير، بينما يواصل عمال "الشركة المصرية للحديد والصلب" اعتصامهم الذي بدأ في الـ17 من الشهر الجاري، رفضاً لقرار التصفية، ويصعِّدون مطالبهم بإقالة وزير قطاع الأعمال، هشام توفيق، ويهتفون: "مش هنسيبها لو هنموت، رزق عيالنا عشانه نموت"، و"الصلب يريد إقالة الوزير".

كأن الوضع كما كان عليه قبل أكثر من عشر سنوات، وربما أسوأ. فما زال العمال غاضبين وينظمون اعتصامات وإضرابات من أجل المطالبة بحقوقهم.

فالاحتجاجات العمالية بدأت قبل اندلاع الثورة بأعوام، لتكون بمثابة شرارة الانتفاضة الأولى، بعد ارتفاع معدلات الفقر، وعدم المساواة، والبطالة، وتفشي الفساد، ووحشية الشرطة، وتدهور الحقوق المدنية والسياسية، حيث كانت مصر تفتقر إلى التوزيع العادل للثروات، حسب تقرير صادر عن منظمة "العفو" الدولية عام 2011، أشار إلى أنه في عام 2009، كان حوالى 32 مليون نسمة، من مجموع المصريين البالغ عددهم نحو 80 مليون نسمة، يعيشون على خط الفقر أو أدنى منه.

وفي ذلك الوقت كان خط الفقر محدداً دولياً بدولارين اثنين يومياً، حيث تعتمد غالبيتهم على ما تقدمه الدولة من دعم للزيت والخبز.

لماذا يجري بيع شركة الحديد والصلب؟

وبعد مرور عشر سنوات على الثورة، بقي الوضع على ما هو عليه، حيث يواصل نظام العميل الصهيوني تصفية الشركات وتسريح العمال. وتشير الأرقام التقديرية الصادرة عن منظمات حقوقية إلى أن هناك أكثر من ثمانية آلاف مصنع مغلق، بينما الأرقام الرسمية التي سجلتها وزارة التجارة والصناعة المصرية، تشير إلى غلق نحو 870 مصنعاً فقط.

وفي 11 يناير الجاري، وبعد 67 عاماً من تأسيس "الشركة المصرية للحديد والصلب" التي تُعَدّ قلعة الحديد والصلب في مصر والشرق الأوسط، قررت الجمعية العامة غير العادية للشركة، تصفيتها بعد الموافقة على تقسيمها إلى شركتين، شركة الحديد والصلب التي صُفِّيَت، وشركة المناجم والمحاجر التي من المفترض أن يدخل القطاع الخاص شريكاً فيها لتشغيلها خلال المرحلة المقبلة.

وبدأ الاعتصام بعمال الوردية الصباحية للشركة، ثم انضم إليهم عمال الوردية الثانية، ثم باقي الورديات، معلنين رفضهم لقرار تصفية الشركة، ومتمسكين بالدفاع عنها، مطالبين بتطويرها وتشغيل المصانع، وبذلك يشترك في الاعتصام قرابة 4000 عامل واللجنة النقابية بكاملها، هم قوام الشركة.

وتجمّع هؤلاء أمام مبنى الإدارة وهتفوا بسقوط قرار التصفية، في الوقت الذي انتشرت فيه مجموعة من قوات الأمن عند البوابة الفاصلة بين الشركة ومساكن العمال لمنع انضمام العمال إلى الاعتصام.

يوم أسود للصناعة المصريةً

وكان قرار الجمعية العمومية للشركة قد قوبل باستياء شديد وردود فعل واسعة داخل شرائح المجتمع المصري، التي رفضت قرار الجمعية العمومية، واعتبرت أن تصفية الحديد والصلب تصفية لمقدرات الشعب المصري وإمكاناته، الذي بُنيَت شركاته ومصانعه، وفي القلب منها شركة الحديد والصلب، بملحمة وطنية دفع فاتورتها الشعب المصري بمختلف فئاته.

وشركة الحديد والصلب أول شركة في الشرق الأوسط وأكبرها، وهي مدرجة في البورصة المصرية، وتأسست عام 1954 بمرسوم جمهوري في منطقة التبين بحلوان جنوب القاهرة، وبدأ إنتاجها عام 1961 حسب خطة تستهدف إنتاج الحديد والصلب بطاقة مليون ومائتي ألف طن سنوياً مطابقة للمواصفات المحلية والعالمية، لتكون بذلك أول مجمّع متكامل لإنتاج الصلب في العالم العربي، برأس مال 21 مليون جنيه، ومنشأة تمتد على مساحة تبلغ 1700 فدان.

كان قوام الشركة عندما بدأ العمل فيها 25 ألف عامل، وبمرور الوقت تقلّص عددهم ليصل إلى 12 ألفاً فقط، حيث دأبت الشركة على إكراه بعض العاملين على تقديم طلبات موقعة منهم بالإحالة على اللجنة الطبية بزعم معاناتهم من حالات صحية.