خصصت صحيفة "أوبزيرفر" افتتاحيتها للتقرير الأمريكي عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قررت إدارة جوزيف بايدن رفع السرية عنه ونشرته مساء الجمعة.

وتساءلت الصحيفة عن الكيفية التي سيستمر فيها الغرب بالتعامل مع رجل صادَق حسب التقرير على قتل خاشقجي. وقالت إنه مع ظهور التفاصيل عن الجريمة الشنيعة لقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، أكد معظم المراقبين أن الجريمة لم تكن لتحدث بدون موافقة ولي العهد السعودي القوي، محمد بن سلمان. ويدعم تقرير المخابرات الأمريكية هذه النتيجة.

وقالت "أوبزيرفر" إنه يجب الثناء على جوزيف بايدن؛ لأنه قرر نشر التقرير وإطلاع الرأي العام عليه، بعدما رفض الرئيس السابق دونالد ترامب نشره. وأضافت أن العقوبات التي فرضها بايدن على الموظفين السعوديين والإجراءات التي تهدف للحد من نشاط العملاء الأجانب في ملاحقة المعارضين “مهمة ويجب الترحيب بها”.

لكن الطريق الثنائي البراجماتي الذي قرر بايدن اتخاذه وهو نشر التقرير السري وترك زعيم الفرقة التي قتلت خاشقجي يفلت من العقاب أمر يثير الغضب.

وتعلق الصحيفة أن السبب وراء هذا "العمل الرث" هو "السياسة الواقعية". فالسعودية هي حليف مهم للغرب، وتعاونها ضروري من أجل مواجهة نشاطات إيران التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط.

وهناك عامل آخر في القرار، هو الأمل بأن تتبع السعودية خطى جارتيها البحرين والإمارات لتطبيع العلاقات مع "الكيان"، وتظل السعودية منتجا رئيسيا للنفط، ومن المتوقع أن يخلف محمد بن سلمان والده ويحكم المملكة لعقود.

لكن بايدن يقول إنه يعتبر حقوق الإنسان أولوية له. واعتبر إنهاء الحرب الكارثية في اليمن والتي تقودها السعودية أهم هدف من أهداف سياسته الخارجية. ولتحقيق هذا، قام بتعليق صفقات السلاح للسعودية، وتحدث مع الملك سلمان، والد ولي العهد. وقال بايدن إنه يريد إعادة ضبط العلاقات الأمريكية- السعودية بشكل يقوم على احترام حقوق الإنسان والقيم العامة.

ولكن التناقض في كل هذا صارخ. فكيف سيتمكن وزير الخارجية البريطاني دومينك راب من التأكيد على أولوية حقوق الإنسان والقانون الدولي، ويواصل في الوقت نفسه التعامل مع رجل اتهمته الولايات المتحدة علنا بأنه تآمر لارتكاب جريمة قتل؟ وماذا سيحدث عندما يزور محمد بن سلمان واشنطن ولندن؟ هل سيتم اعتقاله؟

وبناء على "الصلاحية العامة" التي طبقتها ألمانيا لمحاكمة مجرمي حرب سوريين فهذا الأمر قابل للحدوث. وبعد فضح نشاطات قوة التدخل السريع، وهي وحدة القوات الخاصة السعودية، فهل ستطالب بريطانيا والولايات المتحدة بتفكيكها ومحاكمة قادتها وعملائها؟

وينتمي عدد من العملاء الذين شاركوا في عملية قتل خاشقجي إلى قوة التدخل السريع. ويقول تقرير “سي آي إيه ” إنه تم إنشاء الوحدة لحماية ولي العهد وتتلقى الأوامر منه فقط.

وقام المسئولون السعودية باتخاذ خطوات وقائية انتظارا للقرار الأمريكي، فقد أطلقوا سراح الناشطتين لجين الهذلول ونوف عبد العزيز. ولكن هناك ناشطات أخريات في السجن، ومنهن سمر بدوي ونسيمة السادة ومايا الزهراني، إلى جانب معتقلين سياسيين آخرين في السجن.

وتعلق الصحيفة أن الإفراج الانتقائي الرمزي لا يكفي. ولو كانت العائلة المالكة مصممة على حماية ولي العهد لا استبداله كما يستحق، فيجب أن يكون ثمن استمرار تعامل الغرب معها هو تخفيف واسع لسيطرة النظام على الحقوق الديمقراطية.

وتقول "أوبزيرفر" إن الغرب تسامح ولوقت طويل مع آل سعود من أجل الحصول على النفط الرخيص وبيع الأسلحة، إلا أن هذه المقايضة التي تخدم النفس باتت تفوح منها الرائحة، في عصر من أزمات التغير المناخي والأوبئة والأمراض. فماذا ستفعل الحكومة البريطانية؟

تجيب الصحيفة بالقول: "عليها ألا تسمح للاهتمامات الجيو- استراتيجة بالتفوق على حقوق الإنسان الأساسية والقيم. وعليها في الحد الأدنى، فرض عقوبات على ولي العهد وإضافة اسمه لقائمة 20 سعوديا جمّد راب أرصدتهم ومنعهم من دخول بريطانيا في العام الماضي بسبب تورطهم في قتل خاشقجي. وعلى بريطانيا تعليق صفقات الأسلحة التي قد تستخدم في حرب اليمن أو لقمع المعارضة. وعليها دعم الجهود لتقديم محمد بن سلمان للعدالة ولدوره في التآمر على جريمة قتل".