مفهوم الأمن القومي يعني قيام الدولة  بحق الردع ضد أي تهديد لمواطنيها ومؤسساتها ومصالحها الداخلية والخارجية . 
حيث يكون في الداخل مؤسسات مدنية  لتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية  التى يحميها الدستور والقانون،  ولايمكن لأحد تجاوزها .
وبالتالى يضمن المواطن حقه في الخِدمات الاجتماعية بشتى أشكالها لضمان استثمار الكفاءات البشرية وتسخيرها لبناء الوطن وتقدمه .
أما المؤسسة العسكرية، فهي معنية بحماية البلاد وحفظ  الثغور ضد أى اعتداء تتعرض له البلاد .
لأن الأمن القومى ليس عسكرياً فقط، بل يشمل الأمن القومي الاقتصادي، والأمن القومي الاجتماعي، والأمن القومي الصحي، وكل الأمور التي تشعر المواطن بالأمن والأمان داخل وطنه .
وحسب تعريف هيكل" فيلسوف النكسة" للأمن القومي :
" الحرص على حياة سليمة وصحية، حياة مستنيرة ومتعلمة ومتفهمة، إنتاج وفير يمكن لحياة كريمة، وطن قوي له وسائله فى ضمان حياته ومستقبله" .
لكن في بلادنا المنكوبة بحكم العسكر تقوم المؤسسة العسكرية بالاستيلاء على السلطة، وعلى كل مقدرات البلاد، وبالتالي يحرم الشعب من الخدمات الاجتماعية، ويختفي مبدأ العدالة الاجتماعية إلا من خلال الدعايات الكاذبة، وتتعطل المؤسسات المدنية، وتهرب الكفاءات خارج البلاد بحثاً عن فرص أفضل .
ومع مرور الوقت تتحول الطبقة الحاكمة إلى طبقة أرستقراطية، وباقي الشعب مجرد عبيد يقومون على خدمة الطبقة الحاكمة عن طريق السخرة تارة ، وعن طريق الأجور المتدنية تارة أخرى .
وهكذا يستخدم الأمن القومى كفزاعة في وجه كل من ينتقد النظام الانقلابي وحكم العسكر ، أو لمزيد من القمع والقهر ، أوكلما دعت الحاجة لمصلحة أو "سبوبة" للعسكر .
والحقيقة التى لايمكن تجاهلها هي أنه ليس أمناً قومياً بقدر ماهو أمن شخصى للطاغية، لإضفاء هالة من العظمة والزعامة الكاذبة عليه .
فعلى سبيل المثال ، عندما قرر الرئيس محمد مرسي ـ رحمه الله ـ تدشين مشروع تنمية محور قناة السويس الذى قال عنه رئيس الوزراء الماليزى السابق "مهاتير محمد" موجها خطابه للشعب المصرى : "إعلموا أن مشروع ممر قناة السويس هو مشروع القرن الـ21 لمصر اقتصادياً، ولن يستفيد منه المصريون فقط، بل العالم أجمع سيستفيد منه .. أنتم أمام مشروع ضخم يوازي حفر قناة السويس من جديد .. أنتم مقبلون على ثورة اقتصادية حقيقية ، وعلى الجميع التكاتف من أجل نجاح ثورتكم".
لكن العسكر سعوا لإفشال هذا المشروع، بزعم أنه يتعارض مع  الأمن القومي المصري، وبعد سنتين بالتمام والكمال تم طرح مشروع "فنكوش التفريعة الفاشل"، ولكننا لم نسمع أحداً يتحدث عن الأمن القومي .
ولوكان موضوع الأمن القومي المصري ينظر إليه بجدية، لكانت الجهة الشرقية هي أخطر الجهات على الأمن القومي المصري حيث كانت على مدار التاريخ، خاصة في ظل الوجود الصهيوني لكن للأسف الشديد فإن النظام الانقلابي لاينظر لخطورة الأمن القومي المصري إلا من جهة غزة المحاصرة برا وبحرا وجوا، باعتبار أن حركة حماس هى المهدد الوحيد للأمن القومي المصري من الجهة الشرقية، بينما الصهاينة ومااقترفوه من جرائم بحق الشعب المصري والأمة العربية ليسوا مصدر خطر أوتهديد للأمن القومى المصرى !! . فمنذ نشأة هذا الكيان الغاصب وهو مصدر خطر حقيقي ودائم . 
أما من الجهة الغربية فلم يتذكر العسكر أمنهم القومي إلا بعد الاتفاقية البحرية بين ليبيا وتركيا !! ، هنا شعر العسكر بتهديد أمنهم القومي، في حين لم يتأثر أمنهم القومي في ظل وجود آلاف من قطعان المرتزقة من "فاجنر" الروسية المسلحة بأحدث الأسلحة، و"بلاك ووتر" الأمريكية التي هي فصيل من الجيش الأمريكي عالية التسليح ، والجنجويد وغيرهم من المرتزقة الأفارقة، كل هؤلاء ليسوا مصدر خطر على الأمن القومي المصري من جهة الغرب !! .
وأين كان أمنهم القومي عندما تم التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية مقابل حفنة من الدولارات ذهبت بكاملها لجيوب وكروش العسكر بالرغم من صدور حكم قضائى بمصرية الجزيرتين ؟!!
ثم أى خطر على الأمن القومي المصري أشد من سد النهضة  الذى سيؤثر على شريان الحياة ل 100 مليون شخص؟؟ ، ومع ذلك لم نسمع تهديدا ولا وعيداً وكل مانسمعه مجرد  فرقعات إعلامية، اللهم إلا التهديد الوحيد الذي سرعان ما تراجع عنه بعد أيام قلائل  ( وجاب ورا ) وكذلك مفاوضات عبثية معروف نتيجتها سلفاً ، لأنه لا أحد يعرف على ماذا تم التوقيع في اتفاقية المبادئ مع السودان وإثيوبيا؟ !!
كما أن اتفاقية على هذا القدر من الخطورة ، لم تعرض على برلمان العسكر رغم أنه كان سيقوم بالتصفيق والبصم على الاتفاقية - قطعا - لكن الخوف من بعض الأعضاء الذين طالبوا بعرض الاتفاقية على البرلمان لخطورتها على الأمن القومي المصري والخوف من الفضيحة  لم يعرض الدكتاتور المنقلب الاتفاقية على برلمان العسكر . 
واليوم بعد أن ضربت إثيوبيا عُرض الحائط بالمفاوضات، ها هو قائد الانقلاب يلبس ثوب الناسكين الواعظين قائلا :
"نهر النيل ده موضوع ربنا سبحانه وتعالى .. هو اللى بيعمله ومجرى المياه من عند ربنا .. وأنها توصل إلى مصر من عند ربنا .. ومصر لو كانت على ارتفاع مكنتش المياه هتدخلها .. واللى عمله ربنا مش هيغيره البشر" (الله يقوى إيمانك يوااد يا مؤمن ) .
فالأمن القومي ما هو إلا أكذوبة ترددها النظم القمعية على شعوبها، كلما كان هناك استحقاق للشعب، أو لتتنصل من مسئولياتها الوطنية القومية أو الدينية، أو لقمع معارضيها وخصومها، أولتبرير خنوعها وخضوعها لأعداء الأمة، أو إذا أرادت السير في مشروع انبطاحي جديد !!