بقلم: د. رشاد لاشين

طفولة الإمام حسن البنا.. ملامح وسمات

 الصورة غير متاحة

 د. رشاد لاشين

طفولة ما أروعها..! طفولة ما أنجحها..! طفولة صنعها الله تعالى على عينه..!

 

كانت طفولة حسن البنا- رحمه الله- نموذجًا رائعًا ومتميزًا في النجاح الشخصي أولاً ثم في الحرص على المجتمع والأمة ثانيًا، فهو المستقيم في سلوكه، المجتهد في دراسته، البارّ بوالديه، المساهِم في خدمة أسرته، المعتمد على نفسه، المتعاون مع زملائه، الحريص على الحبِّ والاحترام والتقدير لأساتذته الذين يذكرهم ويشيد بهم في كلامه ومذكراته، يدين لهم بالعرفان بالفضل والجميل، وكان- رحمه الله- نموذجًا للداعي الصغير الحريص على إصلاح حال الأمة ودعوة الناس إلى الخير وإرشاد المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة وبأساليب راقية ومبتكرة، ولم يكن يقوم بذلك وحده؛ بل كان حريصًا على توظيف زملائه وأصدقائه لخدمة المجتمع والعمل على الرقيِّ به في شتى المجالات التي يستطيع العمل من خلالها، وكان عمليًّا يسعى لإنشاء تكوين يُحيي الأمة من جديد، بدءًا بجمعية الأخلاق الأدبية، ومرورًا بجمعية منع المحرمات و...و... وانتهاءً بتكوين جماعة الإخوان المسلمين التي حملت رسالة بناء الأمة على مستوى العالم كله، يقول الأستاذ أحمد سيف الإسلام حسن البنا: أذكر أن الوالد- رحمه الله- ألقى خطبةً عام 1946م في ذكرى وفاة الزعيم مصطفى كامل قال فيها: "الزعماء ثلاثة: زعيم صنع نفسه، وزعيم صنعته الظروف، وزعيم صنعه الله على عينه"، وأنا أقول إن البنا من النوع الثالث".

 

فهيا نعيش مع طفولته المتميزة التي صنعت إمامته الرائدة؛ رضي الله عنه من خلال ما توفَّر لنا من أخبار ومن خلال مذكراته التي رواها إلينا في كتاب (مذكرات الدعوة والداعية).

 

وقد مرت طفولته رضي الله عنه بالمراحل التالية:

• من 0- 7 سنوات: في كنف الوالد ثم التحق ببعض الكتاتيب.

• من 8- 12 سنة: مدرسة الرشاد الدينية.

• من 12- 14 سنة: المدرسة الإعدادية وأبرز أنشطتها الاهتمام بدعوة الزملاء و ممارسة النشاط السياسي وتكوين جمعية الأخلاق الأدبية وجمعية منع المحرمات.

• من 14- 17 سنة: مدرسة المعلمين وأبرز أنشطتها الاهتمام بالتصوف والعمل الوطني والسياسي.

 

(1) الطفل (حسن البنا) ولوعًا بالدعوة إلى الله منذ نعومة أظفاره:

يروي الأستاذ (أحمد سيف الإسلام) عن أخبار طفولة والده: "من القصص التي حدثني بها جدِّي عن الوالد وهو صغير ولها دلالاتها: أنه في يوم جمعة اختفى وهو صبي صغير عن الأنظار لفترة، وظلوا يبحثون عنه فلم يجدوه، ثم هداهم تفكيرهم إلى فتح باب المسجد؛ عسى أن يكون داخله، فوجدوه واقفًا على المنبر يلقي خطبةً في المسجد الخالي من المصلين بعد انتهاء خطبة الجمعة؛ تقليدًا لوالده الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا- رحمه الله- الذي كان خطيبًا في ذلك المسجد" ثم يقول: "وهذا يؤكد أنَّ الله هيَّأه منذ صغره ليأخذ مسار الدعوة الإسلامية".

 

(2) الطفل (حسن البنا) نابغًا في دراسته حريصًا على حفظ القرآن الكريم:

كان يتميز بفهم واسع، وذكاء متقد، وذاكرة قوية، وقدرة على الحفظ، وجدارة في تحصيل العلم: (كان الإمام الشهيد شغوفًا بحفظ المتون منذ الصغر، وكان أبوه يحبِّب إليه حفظها ويردِّد مقولته الشهيرة "من حفظ المتون حاز الفنون" أتمَّ حفظ القرآن الكريم قبل إتمامه الرابعة عشرة من عمره) (ص 23 كتاب ركائز في منهج الإمام البنا أحمد حسن الشوربجي دار الدعوة الطبعة الأولى 1421