كشف مسلسل" الاختيار2" عما يعانيه نظام الانقلاب من فقدان للشرعية والثقة والاطمئنان لاستمراره في السلطة، وأثار جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.

واعتبر كثيرون أن المسلسل بأكمله في جزئيه الأول والثاني تدليس وتزوير للحقائق، واتهموا الفنانين الذين شاركوا في هذا المسلسل بالتدليس، ومشاركة السلطة في تزوير وعي الشعب.

وكان أحمد مكي من أكثر الفنانين المشاركين تعرضا للانتقاد والهجوم، حيث تداول النشطاء، فيديو أغنية أحمد مكي «كرامة الشعب» التي قدمها في فبراير2011، بعد اندلاع ثورة 25 يناير وتنحي المخلوع مبارك، والتي كان يشيد فيها بثورة 25 يناير، رافضا الظلم والذل ومشيدا بالثورة التي وصفها، بأنها أعظم ثورة في تاريخ مصر، لأنها أعادت الكرامة للشعب المصري، وقارنوا بين هذه الأغنية، وبين مشاركة مكي في «الاختيار» وهو ما اعتبروه مساندة للظالم على المظلوم في موقف متناقض، وأبدوا اندهاشهم من موافقة مكي على المشاركة في هذا المسلسل، رغم أنه لم يتورط طيلة تاريخه في مساندة السلطة.

كما تعرض كريم عبد العزيز للانتقاد أيضا، مشيرين إلى أن الفنانين باعوا ضمائرهم، وتحالفوا مع السلطة في مصر لتقديم الأكاذيب على أنها حقائق لتبرير مجزرة «رابعة» وقتل الآلاف من الشعب المصري على أيدي قوات السيسي، في مخالفة للشرعية والإنسانية.

جريمة ضد الإنسانية

يرى وائل قنديل في صحيفة "العربي الجديد" أن ما يعرض في مسلسل الاختيار-2 "ليس منتجا دراميا أو إبداعا فنيا تجديديا، بل هو أقرب إلى أن يكون قرار إعلان حرب على ما تبقى من مجتمع مصري يعافر ليكون متماسكًا وموحدًا، بمواجهة تحريض رسمي لم يتوقف على مدار ثماني سنوات على الاحتراب المجتمعي".

ويقول قنديل: "المؤكّد أن ما يعرض الآن ليس عملًا فنيًا، بل هو جريمة ضد الإنسانية على هيئة إنتاج درامي ضخم ينفق عليه النظام من أموال ضحاياه".

ويضيف الكاتب: "تتكرّر المأساة مجدّدًا مع جريمة مسلسل الفضّ، والذي يُعرض بالتزامن مع إغلاق المنابر الإعلامية المهاجرة، بناء على طلب الجنرال، والتي كان يمكن أن تعرض الرواية المضادّة لكل هذا الزيف، وتنتصر لدماء الضحايا".

انتصارات وهمية

ويرى الكاتب سليم عزوز في "القدس العربي" أنه لا أمل في الدراما المصرية، وقد استولى عليها العسكر بوضع اليد، وحولوها إلى أداة للتوجيه المعنوي، بذات الخطاب الفاقد للمعنى وللروح معاً!

ويضيف: لا يدرك العسكر أن الفن إبداع، وأن المبدع لا يجري تخليقه في المصانع الحربية، وقد أنشأ العسكر شركة للسيطرة على الإعلام هي «اعلام المصريين» وهي شركة قامت بتفريخ شركات كثيرة، وكان الهدف من هذه السيطرة، أن يحقق القوم انتصارات في الدراما لم يحققوها في ساحات الوغى، وأن يعملوا على تحقيق الانتصار على خصومهم بعد تشويههم، الذي فشلوا في تحقيقه عبر ترسانة القنوات التلفزيونية وبرامج «التوك شو» التي وضعوا أيديهم عليها أيضاً، فيصبح الانتصار في مسلسل «الاختيار» كما لو كان انتصاراً على أرض الواقع، على قاعدة ما لم تحققه في يقظتك، اذهب للنوم لتحققه في الحلم. رسبت في الامتحان، احلم أنك نجحت بتفوق،

ويوضح أنه في «الاختيار2» هذا العام، فان القوم يهدفون إلى غسل أدمغة المشاهد، بأنهم ضحايا في مذبحة رابعة، حيث كان الإخوان مسلحين، فكل الدعاية المكثفة ضد اعتصام رابعة، وكل الاستباحة التي جرت للمعتصمين في السمعة والعرض بالحديث عن نكاح الجهاد في الاعتصام، ومع هذا لم ينجحوا في مهمتهم فظنوا أنهم قادرون في مسلسل؟!".

ويرى هاني سليمان أن "من أهم أسباب عرض مسلسل الاختيار-2، هو إعادة خلق العدو الأزلي للنظام، وهو جماعة الإخوان ... لصرف الانتباه وتغييب الشعب عن العدو الحقيقي الذي يقف النظام عاجزا تماما عن التعامل معه، وهو إثيوبيا ومشروعها سد النهضة".

ويقول الكاتب إن عرض المسلسل لأحداث رابعة "يثير مجددا حالة الانقسام المجتمعي الهائل التي تسيطر على مصر منذ عشر سنوات، والتي سهلت كثيرا سيطرة النظام على السلطة".

وينتقد بلال هشام في موقع عربي بوست "رواية وبروباجندا النظام التي تفتقر إلى التوثيق". ويقول إن "المسلسل سيعمل على ترسيخ الانقسام المجتمعي وترسيخ السلطوية القائمة".