أسماء السيد خليل
من الأمور التي يجب على الوالدين الاحتياط لها، والوقاية منها، مشكلة التحرش بالأطفال، أو«الإيذاء الجنسي» -كما يطلق عليه علماءُ التربية-، وقد انتشرت هذه الظاهرة -للأسف الشديد- داخل المجتمعات العربية والإسلامية، التي كان يُضرب بها المثل في العفّة والطهارة، ومن الإنصاف أن نعترف بذلك، وأن نسعى -بالتالي- إلى إيجاد حلول وقائية للظاهرة؛ من ضمنها توقيع عقوبات رادعة على من يستغلون الأطفال جنسيًّا ويدمّرون نفسياتهم قبل أن يهتكوا أعراضهم.
تشير الإحصائيات الصادرة عن معهد «الدراسات العليا للطفولة بالقاهرة» -مثلًا- إلى أن الاعتداء على الأطفال جنسيًّا في مصر بلغ 18% من إجمالي الحوادث المتعلقة بالأطفال، وأن 35% من هذه الحوادث كان للجاني صلة قرابة بالمجني عليه، وأن 80% من الجناة معروفون للطفل، إما قريب من ذوي رحمه، أو قريب قرابة بعيدة، أو جار، أو سائق، أو خادم.. إلخ.
تعريفُهُ، أشكالُهُ، بيئتُهُ:
المقصود بالتحرش الجنسي للأطفال، هو ما يقع عليهم من أشخاص يكبرونهم بأربع أو خمس سنوات، أما ما يقع بين مَنْ هم في سن واحدة فيعد -كما يقول علماء النفس والتربية- (سلوكًا بحاجة إلى تعديل)، وليس له خطورة الاعتداء أو الإيذاء الذي يقع من جانب الكبار. وتتمثل أشكال هذا الاعتداء في ملامسة جسد الصغير، أو قد يصل الاعتداء إلى حد الاستخدام الجنسي الكامل، للولد أو البنت، وما ينتج عن ذلك من إصابات جسدية بالغة. ويكثر هذا السلوك المنحرف في البيئات الفقيرة وفي السكن العشوائي، ويقع بنسبة أكبر على أطفال الأسر المفككة، واليتامى، والمهجّرين، والمشرّدين، والمختلّين عقليًّا، وعلى الأطفال العاملين، كما يقع أيضًا وبنسبة ملحوظة على الأطفال المتفوقين في الجمال.
أسبابُ الجريمةِ:
• ضعف القيم الأخلاقية، والوازع الديني لدى الجناة، ووجود خلل في السلوك؛ يُعرف بـ«السلوك الاندفاعي».
• وجود انحراف وشذوذ نفسي لدى الجاني، قد يكون سببه تعرّضه للإيذاء الجنسي في مرحلة الطفولة، أو لصعوبات التكيف الاجتماعي وضعف القدرة على تكوين صداقات.
• التربية الجنسية الخاطئة، التي تتسم بالكبت الشديد، أو الاختلاط الماجن الخالي من الضوابط والقيم.
• الدور السلبي لوسائل الإعلام، الداعية إلى الرذيلة وارتكاب المحرّمات؛ حيث تتسبب في الإثارة لدى القائمين بهذه الجرائم.
• رفقاء السوء، ودعاة الانحراف، الذين لا تخلو مجالسهم من تزيين مثل هذه الجرائم في أعين الرفاق.
• غياب الأبوين، فيصير الأبناءُ فريسةً لمرضى النفوس والمنحرفين.
• عدم وجود تواصل بين الآباء والأبناء؛ ما يهيئ الفرصة للمجرم لتكرار جريمته، وربما أغراه سكوت الضحية بالسطو على آخرين.
أخطارُ الجريمةِ:
تتنوع أخطارُ هذه الجريمة على أجساد ونفوس الصغار.. حتى تصل إلى درجات خطيرة، كأن يحاول بعضهم الانتحار، أو يصير شاذًّا ويصدّر من ثَمَّ شذوذه إلى المجتمع. وأهم هذه الأخطار:
• إصابة الطفل بالقلق، الأرق، شعور دائم بالذنب.
• ينتابه خوف شديد، وبكاء، وكوابيس.
• شعور بالإهانة الشديدة، التي تعزز: الانطواء، الخجل، العدوانية، عدم الثقة بالآخرين.
• اضطرابات متعددة في الشخصية، قد يصاحبها: اكتئاب، مخاوف مرضية، رهاب اجتماعي، وسواس قهري.
• اضطرابات جسمية، نفسية المنشأ: هستيريا، سلوك إدماني، محاولات للانتحار.
• قد يتلذذ «الولد» بذلك، ثم يصير شاذًّا، أو قد يعزف عن الزواج.
• وقد تكره «البنت» الجنس، وتصاب بالبرود وضعف الرغبة، وقد تصاب بالعفة الزائدة، وقد ترفض الزواج، أو تتفلت وتعتاد الإباحية فتتعدد علاقاتها بالرجال.
كيف نحمي أبناءنا من التحرّش الجنسي؟
• تحذير الصغار من أن يستدرجهم أحدٌ إلى مكان خالٍ، وألّا يذهبوا مع من لا يعرفونه، وتزويدهم ببعض القصص كي يستفيدوا منها ويحسنوا التصرف لو تم استدراجُهم.
• عوِّدوا أبناءكم على حكي كل ما يحدث لهم خارج المنزل، ولن يتم ذلك إلّا بعقد صداقة مع الصغير قائمة على الحبِّ والاحتواء؛ إذ يعزّز ذلك رغبته في الحديث عن أحداث يومه مع القائم برعايته.
• فتشي في أغراض صغارك عند عودتهم إلى المنزل؛ في حقائبهم وملابسهم الداخلية لعل مكروهًا –لا سمح الله- قد وقع ويخشى الصغير من الإفصاح عن ذلك بسبب تخويف الجاني له، أو أنه لا يقدّر أخطار ما وقع، وكم من حوادث تم اكتشافها بهذه الطريقة، وكم من أطفال نجوا من مآسٍ بعد اكتشاف ما تعرّضوا له مبكرًا.
• لا تسمحوا لأبنائكم الصغار باللعب مع الكبار، ولا تتركوهم يغيبوا عن أنظاركم ولو كنتم في زيارات للأقارب الأقربين؛ إذ إن كثيرًا من جرائم التحرش وقعت كأثر لهذه الثقة التي ليس لها سندٌ في الشرع والعُرف الصحيح.
• التربية الجنسية الناضجة للصغار تفيد في الوقاية من الجريمة؛ ومن أركانها: التفرقة بين الأبناء في المضاجع، ومنع تلاصق الأجساد، وانكشاف العورات.
• من المهم القيام بزيارة إلى مدرسة الصغير، وإلى ناديه وأماكن لهوه، وتفقد هذه وتلك، والتأكّد من ألّا أخطار تهدده إن غاب عنه الوالدان.
• وفي الأول والأخير؛ فإن في عفاف الوالدين صيانةً للأبناء من هذا المصير السيئ، وإنّ دعاءهما لهم قمينٌ بألّا يفجعا فيهم، واللهُ خيرٌ حافظًا وهو أرحمُ الراحمين.
المصدر: المجتمع