عاش حياةً مليئةً بالبحث والعلم والعمل؛ محبًّا للسفر والترحال، قضى أكثر من خمسة عشر عامًا ما بين تركيا وبريطانيا؛ للغوص في بحور العلم، يوم اعتقاله كان متجهًا إلى تركيا؛ ليحضر زفاف نجله عبد الرحمن المقرر أن يكون في 19 يوليو الحالي، ولكن أيدي النظام الباطشة لحقت به، وبدلاً من أن يطير ليحتضن ابنه؛ ضمته أسوار الظلم ليكون خلف القضبان في قضية لم يرتكب فيها أي جرم، وتاريخه يشهد بذلك.

 

إنه الدكتور أشرف عبد الغفار أمين عام مساعد نقابة الأطباء ومقرر لجنة الإغاثة الإنسانية من مواليد 12/2/1956م؛ تخرَّج في كلية الطب بقصر العيني قسم الجراحة العامة، وحصل على درجة الماجستير في التخصص ذاته بامتياز، وعيِّن مستشارًا للشئون الإنسانية بنقابة الأطباء في التسعينيات من القرن الماضي.

 

صاحب نشاط إغاثي واسع شهد به الجميع في البوسنة والعراق والسودان والصومال؛ تزوَّج وأنجب سبعة من الأولاد (2 بنين– 5 بنات) أكبرهم أسماء، وتدرس الحقوق ببريطانيا، ومحمد حاصل على ماجستير إدارة الأعمال، يليه سلمى تدرس العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة لندن، ثم عبد الرحمن يعمل مذيعًا بقناة تليفزيونية بلندن، ثم صلاح الدين يدرس بالمرحلة الثانوية، ونور الدين بالابتدائية.

 

وبجانب مجهوداته العلمية والإغاثية؛ فله نشاط تجاري واسع بين تركيا وبريطانيا، وله أصول بشركات ثابتة بكلتا الدولتين، وقضى خلالهما 15 عامًا، وجاء العام الماضي عاقدًا العزم على الاستقرار في مصر، ويأتي النظام البغيض بحملته الدنيئة؛ لتنال من خيرة رجال الإغاثة والطب، وتعتقله أول أمس في مطار القاهرة.

 

لحظات من الحزن تعيشها أسرة د. عبد الغفار في ظلِّ غياب قائد زمام الأسرة عن فرح ابنه وقرَّة عينه، "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم"، كلمات حدثنا بها ابنه محمد، وهو يبدي استياءه مما حدث لوالده، وما نسب له من اتهامات؛ ناقمًا على ما آل إليه النظام المصري من اعتقال أناس شرفاء لهم تاريخ حافل يشهد على نجاحاتهم.

 

ويقول الدكتور عصام العريان أمين صندوق نقابة أطباء مصر والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين: إن دكتور أشرف عبد الغفار منذ توليه منصبه أمينًا عامًّا مساعدًا بنقابة الأطباء، وهو معهود عنه التضحية والعطاء للجميع، واضعًا شعار "العطاء للجميع"؛ مهما كانت مسئولياته وظروفه.

 

ويضيف أن د. عبد الغفار صاحب أنشطة إغاثية وخدمية في الداخل والخارج؛ حيث إنه قضى فترة كبيرة من عمره بالخارج، أضاف فيها الكثير والكثير لسمعة مصر ولنقابة الأطباء؛ وحينما كان مستشارًا للشئون الإنسانية قدَّم خدمات جليلة، لا يمكن أن ينسى أي شعب من الشعوب التي سافر إليها، وإن مرت سنون عديدة.

 

لا يختلف عليه اثنان

"لا يختلف عليه اثنان" هكذا بدأ حديثه معنا الدكتور سعيد سيد مدير لجنة الإعلام والنشر بنقابة الأطباء، واصفًا دكتور أشرف بأنه قائد فريق من الطراز الأول على المستوى الإنساني والمهني معًا.

 

ويضيف: "الهدوء والمشاعر الحساسة سمته في كل معاملاته؛ وتلمح في عينيه الود والحب والعطف الذي تراه بين أب وابنه؛ بمجرد أن يسمع عن شخص يحتاج لعون أو مساعدة، كان يسرع على الفور لمساعدته".

 

ويقول: إن الدكتور عبد الغفار كان يقف في وجه أي ظالم، محاولاً رده عن ظلمه؛ ولا تمنعه مكانة ووضع أي أحد من أن يقول الحق في وجهه؛ مشيرًا إلى أن للدكتور عبد الغفار مواقفَ لا تُنسى في الإغاثة، فأثناء العدوان الصهيوني الأخير على غزة، كنا بحاجة لجهود من جانب المتطوعين لنقل المواد الإغاثية بالنقابة، فكان دكتور عبد الغفار يحضر ابنه الصغير معه؛ لكي يشارك مع المتطوعين؛ لكي يتربى على معنى التضحية والعطاء للغير.

 

ويضيف د. سعيد: "وعلى الجانب الديني والدعوي، يتمتع د. عبد الغفار بسمت خاص؛ حيث كان بمجرد أن يسمع الأذان يتوجه للصلاة في أقرب مسجد على الفور، ويحث الآخرين على نفس الفعل".