فوجئت في القمة العربية أن الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس يرفع شعارًا وهميًّا هو "المقاومة السلمية" مع عدو يدخل كل يوم في مصادمات مباشرة ونتذرع نحن بالمفاوضات غير المباشرة، والمقاومة السلمية، ويقاوم عدونا بالدبابات والصواريخ والأعيرة النارية والقنابل الفسفورية والمسيلة للدموع، ونحن نقاوم سلميًّا بالكلمات والشعارات، ولا يستبعد أن تنتفخ الأوداج، وأن يستجمع العرب قوتهم وأن يقولوا بصوت واحد للمجرم نتنياهو وحكومته:

"عيب  كده" "ما يصحش" "ما يصير"، وهي كلمات لا تُسمع وسط ضجيج البلدوزرات والدبابات والطائرات والتدريبات والاقتحامات.

 

لكن سلطة رام الله اختارت نهجًا جديدًا وهو المقاومة الحقيقية لأحرار الضفة ورجال غزة وأبطال فلسطين ورجال المقاومة، حتى إنها لا تتورع أن تقتل رجال المقاومة بأن تملأ الأنفاق بخزانات من الصرف الصحي، وتعذب ببشاعة المعتقلين لتنتزع منهم الاعترافات بأماكن وسياسات وخطط المقاومة لتقدم هذه الاعترافات وأبناء المقاومة قرابين لأسيادهم الصهاينة، بل إن هذه العدوى أصابت بعض العواصم العربية فصارت تعتقل وتعذب أي رجل ينزل على أرضها من رجال المقاومة، وما قتل شقيق سامي أبو زهري عنا ببعيد، والعجيب أن هذه المقاومة الوهمية السلمية تؤسس لمنهجية "أذلة على الكافرين أعزة على المؤمنين"، أما المقاومة الحقيقية فهي التي قال الله عنها لنبيه مرتين في سورة التوبة (73) والتحريم (9):

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)﴾ (التوبة)، أو ما قاله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: من الآية 29)، وقوله تعالى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ (المائدة: من الآية 54)، المقاومة الحقيقية هي: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)﴾ (التوبة)، المقاومة السلمية لعدو لدود مثل الصهاينة والصليبيين؛ هي الخيانة الحقيقية والفرقة العربية، أما المقاومة الحقيقية فقوة الإيمان والعقيدة وقوة الوحدة والترابط وقوة الساعد والسلاح.

 

المقاومة السلمية تقودنا إلى حرب على الأصدقاء لتفريغ طاقة الغضب التي لا تفارق أي إنسان أو حيوان وهذه إحدى علل أمتنا الإسلامية؛ فالحكومات تعادي الشعوب والشعوب تعاديها، والرجال في خندق والنساء في خندق مواجه، والآباء والأبناء في معارك لا تنتهي، وكل هذا خلاصُه في المقاومة الحقيقية لا الوهمية.

 

فكِّروا مرة وفق أصول الدين أو علم النفس أو علوم السياسة، فالحل هو المقاومة القوية الحقيقية لا السلمية الوهمية بتحويل طاقة السلم إلى داخلنا، والحرب على عدونا من خارجنا، وإلا فلننتظر الذبح وقتما يحلو للجزار نتنياهو وأمثاله.