أفزعني شريط الأخبار بفضائية "القدس" الفلسطينية؛ حيث صرح عضو وفد مغتصبي السلطة الفلسطينية في المفاوضات العبثية مع الصهاينة نبيل شعث بأن "المفاوضات تجري في أجواء إيجابية".

 

ولمن قصر نظرهم عن رؤية تلك الأجواء الإيجابية التي رآها أحد أبطال المفاوضات طويلة الأجل والمفعول والتيلة أيضًا، ورفاقه الذين أدمنوا المفاوضات أكثر من 20 عامًا حتى ألَّف أحدهم "صائب عريقات" كتابًا بعنوان: "الحياة مفاوضات"، فإننا نعرض لبعض تلك الأجواء الإيجابية جدًّا جدًّا:

- تكرار عبارة "يهودية الدولة" من جانب الصهاينة وأنصارهم لتألفها الآذان، تمهيدًا لتطبيقها على أرض الواقع؛ ما يعني إسقاط حق العودة لأكثر من 7 ملايين فلسطيني شردوا من أرضهم وبيوتهم واستولى عليها الصهاينة.

 

- دعوة الإرهابي الأوكراني "ليبرمان" وزير خارجية الكيان الصهيوني لتهجير فلسطينيي 48 (الترانسفير) وفرض يهودية الدولة بالقوة؛ حيث إن عرب 48 باتوا- في نظره- يهددون هوية الدولة الإسرائيلية؛ لأن تعدادهم بلغ الآن أكثر من مليون ونصف المليون؛ ما يعني أنهم يشكلون 20% من سكان ما يُعرف بـ"إسرائيل"، وفي السياق ذاته لم ينتظر حتى يخرج شيخ الأقصى رائد صلاح من سجون الاحتلال، وإنما دعا لطرده من الأرض التي ولد وعاش فيها هو وآباؤه وأجداده.

 

- الغارات الجوية والمدفعية المتواصلة على قطاع غزة وقتل الأبرياء في رمضان والعيد، واستمرار التحرش بالمحاصرين لاستدراجهم لمجزرة وحشية جديدة.

 

- جريمة اغتيال المجاهد الحمساوي إياد شلباية في طولكرم وهو في سريره بالتنسيق مع أجهزة مغتصبي السلطة الفلسطينية بعد أيام من خروجه من سلخاناتها.

 

- اقتحام الصهاينة للمدن الفلسطينية واعتقال عشرات الفلسطينيين بالتواطؤ مع أجهزة مغتصبي السلطة الفلسطينية.

 

- إغلاق شوارع الضفة وإقامة الحواجز لتنغيص حياة أهلنا حتى يهجروا أرضهم المباركة.

 

- تدنيس قطعان الصهاينة للمسجد الأقصى المبارك، واستمرار حفر الأنفاق من تحته تمهيدًا لهدمه وبناء الهيكل المزعوم.

 

- استمرار المجرمين الصهاينة في بناء جدار الفصل العنصري العازل الذي يلتهم أراضي ومزارع الفلسطينيين ويشتت شملهم.

 

- مواصلة المجرمين الصهاينة هدم منازل الفلسطينيين في القدس وما حولها.

 

- ما أعلنته مؤسسة الحق لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان عن الدور الخياني المكمِّل لجرائم الصهاينة، والذي يقوم به مغتصبو السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية باعتقالهم لأكثر من 500 من ناشطي حماس خلال الأيام الماضية.

 

- إجماع الشعب والفصائل الفلسطينية- عدا الملوثِّين بأموال الصهاينة وداعميهم- على فشل المفاوضات الجارية لأسباب عديدة أسهب في شرحها العارفون وغير العارفين.

 

وقد يقول قائل إن نبيل شعث لا يمكن أن يقصد بالأجواء الإيجابية تلك الأشياء التي ذكرناها، وإنما يقصد المنتجعات والفنادق السبع نجوم، والمناظر الطبيعية (الثابتة والمتحركة)، والأيادي الناعمة، والعطور الباريسية، وما لذ وطاب من الطعام والشراب، لكنني أجزم أنه يقصد ما ذكرناه لسبب يسير جدًّا هو أنه ورفاق نضاله السابقين قد ارتموا في أحضان العدو وأكلوا من خيراته، وتمرغوا في نعمائه؛ فصاروا يرون ما يراه الأعداء، وينطقون بما ينطق به الأعداء، وأصبح أعداء الأعداء له أعداء حتى ولو كانوا من بني جلدتهم، وأصدقاء الأعداء لهم أصدقاء.

 

ولذلك فإن مغتصبي السلطة الفلسطينية ومن يؤازرونهم من العرب يقدمون لأعداء شعبهم وبلادهم خدمات جليلة تجعلهم جديرين بالعلاج في مستشفيات تل أبيب، ودعاء حاخامات الصهاينة لهم بالعمر المديد والعيش الرغيد.

 

إنَّ الغافلين الواهمين مطالبون بأن يستفيقوا، وأن يميزوا بين الذين يعملون لنفع البلاد والعباد وبين عملاء الأعداء، وإنَّ شعوبنا- إن كانت جادة في سعيها للحرية- مطالبة بالعمل على التحرر من أعدائها في الداخل، كي تتمكن من مقاومة أعدائها في الخارج.